مقدمة في السبق القرآني في علم الأجنة
قال الله تعالى: )وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ( [ المؤمنون: 12- 14]
في عهد النبوة جاء إسم الجنين كإسم الجن وجن الليل، إسم بقي مبهما على امتداد تاريخ البشرية، إسم ارتبط بالخرافة حتى أواخر القرن 19 الميلادي حيث كان الغرب يتصور أن الجنين يخلق مكتملا إما في الحيوان المنوي للرجل أو في الخلية البيضية للمرأة أو من دم الحيض عند المرأة.. ..وهي تصورات خاطئة. لقد سبق القرآن الكريم العلوم الحديثة منذ حوالي خمسة عشرقرنا ، في كون الجنين يخلق أطوارا، وفي كونه يخلق من ماء الرجل وماء المرأة ، وفي تحديد مراحل خلق الجنين بوصف يقول العالم الكندي كيث ل.موور- بأنه أدق مما هو عليه في الكتب العلمية المختصة – نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظام ثم لحم ثم نشأة أخيرة لا تشبه المراحل السابقة وتأخذ الشكل البشري-
ومنذ (1448م) نقرئ عند ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري : “وقد زعم كثير من أهل التشريح أن مني الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يتكون من دم الحيض وأحاديث هذا الباب تبطل ذلك”. وفي عهد النبوة نفى القرآن الكريم قول اليهود للمسلمين أنه من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول:فعن محمد بن المكدر، عن جابر بن عبد الله. قال: إن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول. فأنزل الله تعالى: ”نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنا شئتم“س البقرة 223 .
وهكذا المنهج القرآني الثابت والخالد: حيث خاطب القرآن الكريم عرب الجزيرة والأجيال على امتداد التاريخ بأسلوب يزيل الخرافة ويحدد منهج علمي واضح وثابت تهتدي به البشرية على امتداد التاريخ..
لقد كان البحث في علم الأجنة والتشريح من أهم الأسباب الداعية إلي تعمق العلماء المسلمين المعاصرين في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، فقد أفادت الآية الكريمة: )وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ( [ المؤمنون: 12- 14] أن الإنسان يُخلقُ في أطوار. ويؤكد ذلك قوله تعالى: )وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارً( [نوح :14] بينما كان الناس في زمن النبوة، وبعده بأكثر من عشرة قرون، يعتقدون أن الإنسان يخلق كقزم كامل من دم الحيض، أو داخل البويضة أو في رأس الحوين المنوي بعد اكتشافهما في القرن السابع عشر والثامن عشر، إلى أن أبطل العالم سبالا نزالى عام 1775 م كل هذه النظريات، وأثبت أن الإنسان يخلق من كل من الحوين المنوي والبييضة وهو عين ما أخبر به النبي، ، في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود، قال: » مر يهودي برسول الله، صلي الله عليه وسلم، وهو يحدث أصحابه. فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي. فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي. قال: فجاء حتى جلس ثم قال: يا محمد مم يخلق الإنسان؟ قال: يا يهودي من كل يخلق، من نطقة الرجل ومن نطفة المرأة، فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب، وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم، فقال اليهودي: هكذا كان يقول من قبلك«. أليس هذا دليلا على أن محمدا ، لا ينطق إلا بوحي من الخالق العظيم.
هذه صورة حقائق ذكرتها النصوص الشرعية، وأيدتها الحقائق العلمية، ليتجلى السبق العلمي لهذه النصوص الشاهدة بأن محمدا، ، لا ينطق عن الهوى، وأن ما أخبر به إن هو إلا وحي يوحى.