الربا والدين والأزمة الاقتصادية… كيف السبيل وما هو المخرج؟
تطور الدين العالمي الذي يقارب 250 تريليون دولار والذي ينبئ بوجود أزمة اقتصادية عالمية مدمرة… وكل ما ترونه من عربدة السياسيين هو ناتج عن هذا الذي ترونه، لدرجة أن الخبراء الاقتصاديين يتنبؤون بأن السنين القليلة المقبلة ستعرف أزمة اقتصادية تاريخية خانقة حيث لن تستطيع دول أداء ديونها مما سيؤدي الى انهيار قطع الدومنو.. وستعصف هذه الأزمة بدول بأكملها، ويومها لن تنفع العرب فرنسا ولا إسبانيا ولا أمريكا ولا إسرائيل لأن الانهيار الاقتصادي قد بدأ فعلا عندهم….وكلهم سيزيدون من ضغطهم علينا للاستيلاء على ثرواتنا وتعميق مآسينا… وأرجو أن أكون مخطأ فيما أقول.
وأقترح حلولا عاجلة غير آجلة منها:
• العمل على حماية الثروة في شموليتها الزراعية والحيوانية والتجارية والمعدنية والبحرية، وتقديم كل لصوص المال العام الى القضاء بدون استثناء.
• التوقف النهائي عن طلب الديون لأننا سنعجز في النهاية عن أدائه، وعدم البحث عن المال السهل سواء في الديون وفي كل المعاملات التي حرمتها الشريعة الإسلامية وبناء هرم الثروة من خلال القطاعات المنتجة.
• تشجيع البنوك الاسلامية في كل المنتجات التي تتمتع بها البنوك الربوية وعدم التضييق عليها، وتوزيع اثروة على كافة المجتمع وعدم تكديسها عند فئة قليلة من المجتع
وكما نشرت سابقا: العمل على إزالة الربا/ الفائدة الربوية على القروض والودائع، بصفتها المسؤول الأكبر عن الأزمات المالية العالمية ، وذلك بتحريم الربا بأصنافها الستة: فالتعامل بالفوائد الربوية التي تجعل النقود تلد نقودا (ربا الديون، ربا القرض وربا البيع، ربا الرهون العقارية وتوريق الديون)، يركز المال في أيدي فئة قليلة من أفراد المجتمع الواحد، ويحرم منه المجموع الكثير، وهذا خلل في توزيع المال، يقول الدكتور (شاخت) الألماني، مدير بنك الرايخ الألماني سابقاً في محاضرة ألقاها في سوريا في عام 1953: “إنه بعملية رياضية (غير متناهية) يتضح أن جميع المال صائر إلى عدد قليل جداً من المرابين، ذلك أن الدائن المرابي يربح دائمـاً في كل عمليـة، بينما المدين معرض للربح والخسارة، ومن ثم فإن المال كله في النهايـة لا بد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائماً . فمقاصد الشريعة في الأموال رواجها وهو: “دوران المال بين أيدي أكثر من يمكن من الناس بوجه حق، وهو مقصد عظيم شرعي” (مقاصد الشريعة لابن عاشور: 471).
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)﴾ . والفائدة الربوية هى أساس البلاء الأساسي في حدوث المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الدول الغنية والفقيرة على السواء ,وإن المرابين استطاعوا أن يوصلوا البشرية إلى هذا المأزق وأن يتغلغلوا إلى الحد الذي جعل العامة لا يعلمون ولا يظنون أن هذا النظام خطر عليهم بسبب فرض سياسة التجهيل والتعتيم بعدم الحديث عن الربا وأضراره وهي كما قال أحدهم “إن القلة التي تستطيع فهم النظام مشغولة بتحقيق المزيد من الأرباح بينما العامة لم ولن يخطر على بالهم أن هذا النظام ضد مصالحهم.
قال تعالى: “فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (63النور).
• إستخدام أدوات اقتصادية إسلامية فرضت نفسها في قواميس البنوك الغربية بديلا عن التعامل بالفائدة: كالمشاركة، والصكوك، والتكافل• عدم إعطاء المال للأبناك (لأنها أصبحت وكرا للمضاربات الوهمية والفساد المالي) وبدل ذلك إعطائه للقطاعات المنتجة في الصناعة والفلاحة وغيرها، عن طريق التمويل (الأصغر والأكبر) والتداين، من خلال المؤسسات البنكية التي يجب تحويلها لمؤسسات مشاركة في التنمية بديلا عن الاقتصار بالتعامل بالفائدة.
• منع بيوع الغرر
• تحريم الميسر
• تحريم المتاجرة في الديون/بيع الديون
• تحريم المضاربات الوهمية
• تحويل العلاقة الحالية المقلوبة في القطاع المالي، حيث هرم الثروة مقلوب ويقوم على الديون ولا تحتل الثروة الحقيقية فيه سوى حيز هامشي يتقلص بمرور الزمن. وتحويل العلاقة الحالية المقلوبة في القطاع المالي، في رؤيته للمال: فالمال ليس إلا وسيلة لتحقيق سعادة البشر وليس هدفا في حد ذاته.
• تحقيق المساهمة الاجتماعية الفعالة لأن القطاع الربحي (التبادلي) يجب أن يرتبط بالقطاع غير الربحي(الخيري)ارتباطا وثيقا، والعمل بموارد التكافل الاجتماعي والعدالة التوزيعية، التي منها ما هو محدد المقادير كالخمس والزكاة والعشور والخراج والكفارات والفيء والغنائم والجزية وغيرها من مساهمات المسلمين، ومنها ما هو عام تتغير قيمته تبعاً لتطوع الأفراد واحتياجات المجتمع: ومثاله الصدقات والإنفاق في جميع المنافع المطلوبة للمجتمع، وما تفرضه احتياجات المجتمع من موارد إضافية تقوم الدولة باستثمارها وقروض تقترضها من المواطنين عند الضرورة بلا فوائد. فالتركيز على ثنائية محورية “الربح المادي، الزكاة” يجعل عملية التنمية تستند على قطاعين اساسيين لا غنى عنهما في المجتمع وهما القطاع الربحي (التبادلي) والقطاع غير الربحي (الخيري) وهما بمثابة جناحي الطائر اللذان لا يمكن التحليق والاقلاع الا بهما. كما انها تصحح العلاقة المقلوبة التي تحول من خلالها القطاع المالي من تابع الى متبوع وانقلب بناء الثروة بدوره فيها الى هرم مقلوب يقوم على الديون ولا تحتل الثروة الحقيقية فيه سوى حيز هامشي يتقلص بمرور الزمن. وفرض الزكاة على المال يحقق هذا الهدف، قال تعالى: (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) سورة الحشر – الآية 7، فإذا كان 1في المائة من سكان الأرض يمتلكون أكثر من 50 في المائة من ثرواتها… واستمر الوضع كما هو عليه سيمتلكون كل ثروات الأرض… سيصبح المال دولة بين الأغنياء (يتداوله الأغنياء فقط فيما بينهم دون باقي مكونات المجتمع)، وسيصيب الخلل كل المجتمعات بسبب اختلال توزيع الثروة فيها.
• تشجيع إجراءات في حماية الثروة اتخذتها الحكومات الغربية لحل الأزمة وهي من منهج الاقتصاد الإسلامي ولو لم تسمى باسمه، من خلال: ضخ كميات مالية لإنقاذ السوق المالية، ضمان الودائع، كبح المضاربات الوهمية، وضع قيود على رواتب ومكافئات كبار المصرفيين، رقابة المؤسسات والأفراد.
• تطبيق قانون الزكاة على الجميع لإرغام الناس على إدخال مالهم في الدورة الاقتصادية بشكل كامل وعدم مجاملة فئةً على حساب فئة مجتمعية.
كولو العام زين.