بداية الحياة بين القرآن الكريم و العلم الحديث

خرافة نظرية التطور

مثالين يبينان بأن نظرية التطور خرافية وبعيدة عن المنطق العلمي الشعيرات البكتيرية / آلية التلقيح عند الأركيديات

التطور هو فرضية التغير في السمات الوراثية الخاصة بأفراد التجمع الأحيائي عبر الأجيال المتلاحقة، وهو تعريف لفرضية خرافية وخيالية لا دليل لأصحابها لأن العديد من الكائنات الحية التي ظهرت في بداية الحياة لا تزال العديد منها تعيش بيننا بدون أي تطور:

فقد ظهرت المجموعات الرئيسية للكائنات الحية فجأة وفي نفس الوقت: مفصليات، لافقريات، مرجان، ديدان، قناديل البحر.. كلها ظهرت أثناء حقبة الكامبري (وقبلها بخمسين مليون سنة حسب آخر الأبحاث) لدرجة أنها توصف بالإنفجار الكمبيري Explosion cambrienne ، منذ حوالي 530- 520- مليون سنة وبدون أي دليل على أي تطور أو أي من التغييرات البطيئة وبدون أية حلقات وسطية.

ولا يمكن للتطورين بجميع نظرياتهم تفسير بقاء أكثر من ثلث الكائنات الحية بدون أي تغيير منذ ظهورها في الإنفجار الكمبيري إلى يومنا هذا، أما التشابه التصاعدي الذي تعتمد هذه النظريات فهو غير مصاحب بتطور في القدرات العقلية ولا بالحلقات الوسطية، وهو دليل على أن الخالق واحد سبحانه وتعالى …

وهذان مثالان يوضحان أن نظرية التطور خرافية وتعمل خارج المنطق العلمي:1. المثال الأول: المحرك الدوار لسوط البكتيرية هو الجهاز الدوار الوحيد المعروف في الطبيعة. الذي يمكن الشعيرات « cil » من تحريك البكتيريا الكائن البدائي كما يزعم التطوريون – يقول العالم الأسترالي دونتون.

لكن المحرك يعمل بشكل معقد من الصعب جدًا تصور ظهوره في الطبيعة عن طريق تسلسل تطوري افتراضي يمكن من خلاله تحقيق التطور التدريجي لتكون محرك السوط وعمله، فهو يعمل عبر تدفق الأيونات من خلال قرص مثبت بشكل صارم على محور السوط والذي يملك حرية الدوران في السيتوبلازم، بتفاعل مع شحنات على سطح حلقة مثبتة على جدار الخلية ، مما يعطي حركة دورانية للسوط.

فالمحرك مثبة بقوة على جدار الخلية ، ويتولد الدوران من خلال حركة نشطة للأيونات المارة عبر حلقة والتي تتفاعل مع الشحنات على سطح حلقة أخرى.MICHAEL DENTON, livre : l’évolution, une théorie en crise, p : 232.

لا يمكن تصور قيام الصدفة والتطور التدريجي عن طريق سلسلة من الهياكل الوسيطة للحصول على هذا العمل. فهذا جهاز الدوران الوحيد في الطبيعة وهو متطور جدا لا يوجد نموذج يشبهه في الطبيعة فما هو مصدره وكيف تطور؟ وكذلك معظم الأجهزة الشوكية والأعين عند بعض كائنات العصر الكمبيري ، ومن نفس المنظور لا يمكن أن نفسر ظاهرة الدفاع الجماعي عند البكتيريات في مقاومة أنواع الأدوية واختيار البركتيريات لنوعية طعامها؟(كتاب ” الدكتور محمد بورباب، تحليل نظريات التطور، الطبعة الخامسة، ص: 18)2.

المثال الثاني: نأخذه من علم النبات الذي يقدم أيضًا أمثلة كثيرة للخلق المعقد الذي لا يمكن تفسيره بالتطور والتدرج، فليس من المقنع أن يظهر بالتدرج جهازين عند كائنين مختلفين يعملان بالاعتماد على بعضهما البعض من خلال جهازين معقدين، لا بد من أن يظهرا معا في نفس الوقت ونفس اللحظة، والا فإن الكائنات الحية التي تعيش عليهما لن يستطيعان الحياة وانتظار التكيف.

وتتعدد الأمثلة في هذا المجال، ونأخذ المثال الكلاسيكي :آلية التلقيح عند أزهار الأركيديات le mécanisme de pollinisation de l’orchidée Coryanthers ” فهي آلية تعمل بطريقة معقدةتعمل بجهازين الواحد هو أنبوب الزهرة الطويل جدًا يمكن أن يصل إلى أكثر من 30 سم والذي يوجد في آخره رحيق والأخر عند حشرة لها خرطوم طويل مناسب لطول أنبوب اللقاح عند الزهرة مما يسمح لها بالوصول إلى الرحيق الموجود في الجزء السفلي من الزهرة.

فآلية التلقيح المعقدة هذه، تطلبت مراقبة من عدة شهود يقظون ولعدة مرات، حيث تحتوي زهرة Coryanthers على رحيق طويل جدًا (أنبوب) يمكن أن يصل إلى أكثر من 30 سم في حين أن الحشرة لها خرطوم طويل تقريبًا مما يسمح لها بالوصول إلى الرحيق الموجود في الجزء السفلي من الرحيق.

فليس من المقنع ما قاله داروين ، من أن النبات والحيوان كانا قد تكيفا مع بعضهما البعض بمرور الوقت. وليس من المنطقي أن يظهر بالتدرج هذين الجهازين عند كائنين مختلفين ويعملان بالاعتماد على بعضهما البعض من خلال جهازين معقدين، لا بد من أن يظهرا معا، وفي نفس الوقت ونفس اللحظة.

التفسير الوحيد الذي لا يعجب أنصار التطور: هو أن الله خلق الجهازين معا :أنبوب الزهرة الطويل جدًا والذي يوجد في آخره رحيق وأنبوب آخر عند الحشرة وهو مناسب لطول أنبوب اللقاح عند الزهرة مما يسمح لها بالوصول إلى الرحيق .وخلق آلية التلقيح المعقدة هذه، والتي ترتبط بحسابات أخرى لا تقوم بها الطبيعة لوحدها (حسابات الانقسام الاختزالي المعقد للحصول على الأمشاج).

فالله خالق كل شيء وبدون آلية للتطور . وبالتالي فإن البكتيريا ليست كائنات بدائية ، ولم تعرف الأوركيد والحشرة التي لها خرطوم طويل تقريبًا مما يسمح لها بالوصول إلى الرحيق.

والتطور ليس الا فرضية أسطورية وخيالية لا دليل لأصحابها.لقد بدأ الخلق كما يبينه السلم الستراتيغرافي بظهور كائنات وحيدة الخلية معقدة وليست بدائية كما تقول نظريات التطور. وفي الانفجار الكمبيري، في بداية الحقب الجيولولوجي الأول(الحقب الكمبيري) ظهرت ملايير من الكائنات الحية الرئيسية مع بعضها البعض بدون أدنى تطور، بل بظهور جماعي،(ظهور الكائنات الحية فجأة في الانفجار الكمبيري في الحقب الأول: لا ميكرو ولا ماكرو تطور …explosion cambrienne

وكانت جد متأقلمة مع ظروفها الطبيعية ولم تخضع لأي تطور…ولا زالت العديد منها تعيش في أيامنا هذه ولا تحمل أية علامة اختلاف عن سابقتها. فالكائنات الحية تظهر فجأة بعد كل فناء جماعي…extinction majeure..

ومنها ظهور الانسان فجأة في الحقب الرابع، بعد أن تحولت جثث الكائنات الحية في العصور السابقة الى مواد أولية من بترول وغاز طبيعي وفحم حجري لخدمته.(كتاب ” الدكتور محمد بورباب، تحليل نظريات التطور، الطبعة الخامسة، ص: 106)

والملفت للنظر بشكل صادم لكل التطوريين والملحدين أن الإنسان لم يظهر في الأرض حتى آخر السلم الستراتيغرافي، حيث تحولت جميع الكائنات الحية للمواد الأولية من بترول وفحم حجر وغاز طبيعي وغيرهم من المواد الضرورية لخدمة الإنسان..

وكان من الممكن أن يخلق الله هذا الإنسان في الحقبة الأولى أوغيرها ، لكنه خلقه بعد عملية تمهيد دامت حوالي 5 مليارات من السنين..”نحن [البشر] نظهرعلي نحو فجائي بآخرالسجل الاحفوري”We [humans] appear suddenly in the fossil record””هذا ما يقوله عالم الحفريات بجامعة هارفارد Claude A. Villee 286- David Pilbeam, “Rearranging Our Family Tree,” Nature, June 1978, p.

لقد خلق الله آدم خلقا مباشرا، وقد ظهر في آخر السلم الستراتيغرافي، خلقه من عدم تماما كما خلق الكائنات الحية، كلا على حدة بدون تطور صغير أو كبير وبقيت معظمها ومنذ العهد ما قبل الكمبيري والعهد الكمبيري خلال الإنفجار الكمبيري explosion cambrienne وظهرت الكائنات الحية عبر تعاقب فترات الخلق تتلوها فترات موت جماعي (الله يبدأ الخلق ثم يعيده).

ولا شك أن المتتبع لكل ما كتب عن الخلق منذ تاريخ البشرية إلى يومنا هذا- ونحن في القرن الواحد والعشرين- ، يلاحظ تخبطا كبيرا من طرف الباحثين في هذا الموضوع وعلى رأسهم الملحدون والتطوريون عموما، وفي نفس الوقت نسجل عجز العلوم بجميع شعبها تقديم تفسير علمي منطقي لبداية الخلق ، وهو ما أكدته الآية الكريمة منذ 15 قرنا في التفاتة إعجازية كبيرة في قوله تعالى من سورة الكهف:( مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51..

لأن عملية الخلق بأبعادها الثلاثة (خلق الكون وخلق الحياة وخلق الإنسان) – كما يقول أستاذنا الدكتور زغلول النجار – عملية غيبية لا يمكن للإنسان بجهده منفردا أن يصل فيه إلى تصور صحيح.

وقد تبين لنا أن نظريات التطور عالم من الخيال والكذب والاحتيال وأنها تواجه مشكلات لا حصر لها ، وأنها تقوم على أكاذيب وتزويرات وأوهام تتناقض تماما مع معطيات العلوم الحديثة..

لقد اعتمدت نظريات التطور:• على الصدفة والطفرات كمحرك أساسي لظهور الخلق و تفسير التوازن المحكم والتكامل والتعاون بين عناصره، والصدفة لا تفسر تكوين بروتينة واحدة، فكيف بكون مشكل من ملايير البروتينات وعدد لا يحصى من الإرتباطات بينها، مع العلم أن عمر الأرض لا يكفي لقيام أبسط الطفرات… •

واعتمدت على فكرة التطور التدريجي والتصاعدي أو التحول الفجائي للكائنات الحية من كائنات بدائية إلى كائنات متطورة، وتبين أنه لا يوجد في الأرض كائنات بدائية وأخرى متطورة، فالكائنات القديمة معقدة بنفس التركيبات التي تعيش بها الكائنات الحديثة ، ولا يوجد أي تدرج في ظهور الخلق الذي يظهر بشكل فجائي ولكائنات متنوعة بعد فجوات استراتيغرافية خالية من الكائنات الحية. واعتمدت كدليل تطوري فكرة سفيهة لأعضاء أثرية ضامرة عند الإنسان لا وجود لها…

وكذبت على الناس بتقديم بقايا حيوانية متنوعة على أساس أنها لبقايا الإنسان القديم. • واعتمدت تجرية يورى وميلر على أساس أنها دليل النشأة الأرضية للحياة ، ولكن تبين أنها ـ كباقى التجارب في الموضوع ـ لا تشرح آلية ذلك..حيث استعملا غازات لم تكن موجودة أصلا في الجو البدائي.. والشيء الأهم أنها طبعا كانت خالية من الحياة أو النشاط البيولوجى..

ومن بين آلاف التجارب الرامية إلى إنتاج ذباب الفاكهة التي تم إجراؤها في جميع أنحاء العالم لأكثر من 50 عام لم يتم إنتاج ولا أنزيم ذبابة.

وبمقابل هذا التيه والتخبط ، فقد سبق القرآن الكريم العلوم الحديثة في التعامل مع هذا الموضوع على عدة مستويات:

أولا: يحدد القرآن الكريم بتناسق مع العلوم الحديثة منهج “السير في الأرض” كشرط للبحث في الموضوع .

ثانيا: انسجام الرؤية القرآنية لظهور الحياة مع التفسير العلمي

ثالثا: ربط القرآن الكريم مسألة الخلق بمفاهيم وحدود لم تستطع البشرية تتجاوزها

المفهوم الأول: خلق الله الكائنات الحية خلقا مباشرا بدون تطور

المفهوم الثاني: خلقها في إطار دورات للحياة

المفهوم الثالث: وقدر لكل نوع منها برنامجها الوراثي الذي لا يتطور ولا يتغير

المفهوم الرابع: خلق الله تشابها لا تطابقا في الخلق، ليدل التشابه في الخلق على الخالق الواحد سبحانه وخلق التشابه في تنوع حيوي وإبداع لا يستوعبه فكر التطوريون

المفهوم الخامس: أكد القرآن الكريم منذ 15 قرنا بأن البشرية جمعاء عاجزة إلى يوم الدين عن خلق الحياة ولو في شكل ذبابة أو بعوض

المفهوم السادس: يقرر القرآن الكريم أن الله خلق التوازن المحكم والتكامل والتعاون، وليس الصراع من أجل البقاء

المفهوم السابع: لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون وهيأه لخدمتنا خلال 15 مليار سنة وهيأ لنا الأرض بكل ما تحتويه من مواد أولية وأصلحها لمدة 5 مليار سنة(كتاب ” الدكتور محمد بورباب، تحليل نظريات التطور، الطبعة الخامسة، ص: 114)

د. محمد بورباب

الأستاذ الدكتور محمد بورباب تخصص: بيولوجية جزيئية بيولوجيا/جيولوجيا أستاذ زائر علم الأحياء الجنائي رئيس هيئة الإعجاز لشمال المغرب رئيس المؤتمر الدولي لتطوان بالمملكة المغربية رئيس تحرير مجلة إعجاز الدولية للبحث والتأمل العلمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى