الإعجاز العلمي في علوم الفضاء

أبعاد الكون ومواقع النجوم والزمن الكوني في القرآن والسنة

قال جل وعلا: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ).

( فلا أقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم) س . الواقعة.

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) السجدة 5.

سبق القرآن الكريم العلم الحديث منذ 14 قرنا في ذكر أهمية أبعاد الكون وذلك في 3 حقائق مهمة: الأولى أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ﴿لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾2/3 والثانية قسم الله عز وجل بمواقع النجوم ووصفه بأنه قسم عظيم (فلا أقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم) (س. الواقعة)، والثالثة الحديث عن الزمن الكوني من خلال عدة آيات قرآنية منها قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) السجدة 5.

المعاني اللغوية للآيات وفهم المفسرين للآيات:

ننقل من آراء المفسرين الأقوال الآتية:

قال جل وعلا: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}

قال يحيى بن سلام: هو احتجاج على منكري البعث، أي: هما (خلق السماوات والأرض) أكبر من إعادة خلق الناس فلم اعتقدوا عجزي عنها؟ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك (تفسير القرطبي).

يقول الله تعالى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾[الواقعة: 75-76]، وفي هذه الآية قسم إلهي بمواقع النجوم، وقد صُدر القسم بـ(لا)النافية، وهي هنا حرف زائد يفيد التوكيد، أي توكيد القسم.

والله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته، والله لا يقسم إلا بشيء عظيم، أي أنه إذا أقسم تعالى بشيء من مخلوقاته فإن ذلك دليل على عِظم المُقسم به.

فمن أساليب اللغة العربية إدخال لا النافية للجنس على فعل القسم‏:‏ لا أقسم من أجل المبالغة في توكيد القسم‏،‏ بمعني أنه لا يقسم بالشيء إلا تعظيما له‏،‏ وقيل‏:‏ هي للنفي‏،‏ بمعني لا أقسم به إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلي قسم أصلا فضلا عن هذا القسم العظيم‏.‏

ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏،‏ وبسرعات جريها ودورانها‏،‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏،‏ وبقوى الجاذبية الرابطة بينها‏،‏ واللفظة مواقع جمع موقع يقال‏:‏ وقع الشيء موقعه‏،‏ من الوقوع بمعني السقوط‏.‏

قال جل وعلا: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [السجدة:5].

روي عن ترجمان القرآن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، في تفسير الأمر الذي ذكرته الآية: “هذا في الدنيا ولسرعة سيره (أي الأمر الكوني) يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم”.

مواقع النجوم والاكتشافات العلمية الحديثة:

ما كان الإنسان يستطيع قياس الأبعاد التي بينه وبين النجوم، في الوقت الذي كان يستخدم فيه مقاييس بسيطة تعرف بالفراسخ أو الأميال، وعلى أشد الأحوال قياس تلك المسافات وتقديرها بالأيام، لكن لما جاء العلماء في العصر الحديث وأخذوا يدرسون النجوم والأجرام السماوية الأخرى، وجدوا أن السماء تتكون من تجمعات هائلة من النجوم والكواكب والأجرام الأخرى، وأسموا كل تجمع من تلك التجمعات بـ(المجرة).

يقول زغلول النجار: “والمجرات هي نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكونيين ‏(‏ الدخان الكوني‏)‏ بتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل المجرة‏،‏ وهذه التجمعات النجمية تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم في المجرة الواحدة‏،‏ وتختلف نجوم المجرة في أحجامها‏،‏ ودرجات حرارتها‏،‏ ودرجات لمعانها‏،‏ وفي غير ذلك من صفاتها الطبيعية والكيميائية‏،‏ وفي مراحل دورات حياتها‏،‏ وأعمارها”

ما كان الإنسان يستطيع قياس الأبعاد التي بينه وبين النجوم، في الوقت الذي كان يستخدم فيه مقاييس بسيطة تعرف بالفراسخ أو الأميال، وعلى أشد الأحوال قياس تلك المسافات وتقديرها بالأيام، لكن لما جاء العلماء في العصر الحديث وأخذوا يدرسون النجوم والأجرام السماوية الأخرى، وجدوا أن السماء تتكون من تجمعات هائلة من النجوم والكواكب والأجرام الأخرى، وأسموا كل تجمع من تلك التجمعات بـ(المجرة). 

يقول زغلول النجار: “والمجرات هي نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكونيين ‏(‏ الدخان الكوني‏)‏ بتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل المجرة‏،‏ وهذه التجمعات النجمية تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم في المجرة الواحدة‏،‏ وتختلف نجوم المجرة في أحجامها‏،‏ ودرجات حرارتها‏،‏ ودرجات لمعانها‏،‏ وفي غير ذلك من صفاتها الطبيعية والكيميائية‏،‏ وفي مراحل دورات حياتها‏،‏ وأعمارها”[1](6).

ووجدوا أن تلك المجرات تتكون من مجموعات نجمية، وتسمى المجرة التي ننتمي إليها  مجرة (درب التبانة أو درب اللبانة).

ولاحظ العلماء أن هذه النجوم تبعد عنا مسافات شاسعة لا يمكن قياس أبعادها بالمقاييس التقليدية، فاتفق العلماء على وحدة قياس كونية تعرف باسم السنة الضوئية‏،‏ وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته ‏(‏المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏)‏ في سنة من سنينا‏،‏ وهي مسافة مهولة تقدر بحوالي‏9.5‏ مليون مليون كيلو متر[2].

ومجموعتنا الشمسية عبارة عن واحدة من حشد هائل للنجوم على هيئة قرص مفرطح يبلغ قطره مائة ألف سنة ضوئية‏،‏ وسمكه نحو عشر ذلك‏،‏ وتقع مجموعتنا الشمسية على بعد ثلاثين ألف سنة ضوئية من مركز المجرة‏،‏ وعشرين ألف سنة ضوئية من أقرب أطرافها‏، وتحتوي مجرتتا ‏(‏درب اللبانة‏ =Milky Way)‏على تريليون ‏(‏أي مليون مليون‏)‏ نجم‏،‏ وبالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة على الأقل‏،‏ تسبح في ركن من السماء الدنيا يقدر قطره بأكثر من عشرين ألف مليون سنة ضوئية‏، وأقرب المجرات إلينا تعرف باسم سحب ماجلان (Magellanic Clouds‏) تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين ألف سنة ضوئية‏[3](8).‏

وأقرب هذه النجوم إلينا هي الشمس التي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏،‏ فإذا انبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريباً، أي أن هذه المسافة الهائلة يمكن التعبير عنها بالقول إن الشمس تبعد عنا ثمان دقائق ضوئية، وذلك بوحدة القياس المسماة(السنة الضوئية)، ويلي الشمس في القرب إلينا النجم المسمى (ألفا قنطورس) و يبعد عنا مسافة 4، 4 سنة ضوئية، أي ما يعادل 42 مليون مليون كيلومتر تقريباً، وهناك نجم الشعرى اليمانية، وهو أسطع النجوم التي نراها في السماء و ليس أقربها، يقع على بعد 9 سنوات ضوئية[4](9)، بينما يبعد عنا النجم القطبي بحوالي‏400‏ سنة ضوئية‏،‏ ومنكب الجوزاء يبعد عنا بمسافة‏1600‏ سنة ضوئية‏،‏ وأبعد نجوم مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ يبعد عنا بمسافة ثمانين ألف سنة ضوئية‏[5](10).‏

فإذا كان هذا بالنسبة للنجوم التي نشاهدها فكيف بالنجوم التي لا نشاهدها ونحتاج إلى تلسكوبات وأجهزة متطورة لكي نشاهدها، فهناك مجرات تبعد عنا أكثر من بليون (ألف مليون) سنة ضوئية، ولقد ساهمت المراصد الفضائية حديثاً في اكتشاف نجوم و مجرات و أشباه نجوم قد حدثت وتمت فعلاً منذ بلايين السنين، وإن الله وحده هو العليم بحالها الآن فلم يكن الإنسان قد وجد بعد على الأرض عندما انطلق الضوء من هذه النجوم منذ عشرة بلايين سنة ضوئية.

ومما اكتشف أيضاً أن هذه النجوم مع تباعدها فإنها تتحرك بسرعات هائلة جداً منتقلة من موقعها الحالي إلى موقع جديد وهكذا باستمرار، مما يجعل هذا الأمر مثيراً للدهشة.

أي أنه لا يمكن لنا رؤية النجوم من على سطح الأرض أبداً‏،‏ ولا بأية وسيلة مادية‏،‏ وكل الذي نراه من نجوم السماء هو مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها‏،‏ إما بالجري في الفضاء الكوني بسرعات مذهلة‏،‏ أو بالانفجار والاندثار‏،‏ أو بالانكدار والطمس‏.

فالشمس التي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏،‏ فإذا انبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريبا‏ًً،‏ بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي‏19‏ كيلومتراً في الثانية في اتجاه نجم النسر الواقع ‏Vega‏ فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر عن الموقع الذي انبثق منه الضوء‏،‏ و تدور الشمس حول نفسها مرة كل 27 يوماً في المتوسط، وتجري مع الشمس مجموعتها الشمسية بسرعة فائقة تبلغ 220 كيلومتر في الثانية منتمية لمجرتنا، وهذه المجرة تدور حول المجرة نفسها مرة كل 250 مليون سنة، وكل النجوم الأخرى تدور حول نفسها وحول المجرة التي تنتمي إليها، وتتباعد المجرات عن بعضها في فضاء الكون السحيق، وهكذا فنحن من على سطح الأرض لا نرى النجوم أبداً‏،‏ ولكننا نري صوراً قديمة للنجوم انطلقت من مواقع مرت بها‏،‏ وتتغير هذه المواقع من لحظة إلى أخري بسرعات تتناسب مع سرعة تحرك النجم في مداره‏،‏ ومعدلات توسع الكون‏،‏ وتباعد المجرات عنا‏،‏ والتي يتحرك بعضها بسرعات تقترب أحياناً من سرعة الضوء‏،‏ وأبعد نجوم مجرتنا عنا يصلنا ضوءه بعد ثمانين ألف سنة من لحظة انبثاقه من النجم‏،‏ بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة عنا بعد بلايين السنين‏،‏ وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة مع الزمن نظراً لاستمرار تباعد المجرات عن بعضها البعض في ضوء ظاهرة اتساع الكون‏،‏ ومن النجوم التي تتلألأ أضواؤها في سماء ليل الأرض ما قد انفجر وتلاشى أو طمس واختفى منذ ملايين السنين‏،‏ لأن آخر شعاع انبثق منها قبل انفجارها أو طمسها لم يصل إلينا بعد‏،‏ والضوء القادم منها اليوم يعبر عن ماض قد يقدر بملايين السنين‏.

أبعاد الكون ومواقع النجوم أمر يعجز ويبهر الفكر البشري في تتبعه، ورغم كل ما توصل إليه العلم الحديث من اكتشافات في علم الفضاء.. تنتمي الأرض للمجموعة الشمسية التي تنتمي بدورها لمجرة درب التبانة والتي تحتوي على حوالي 4 مليارات من النجوم، (أحد النجوم في مجرتنا واسمه (النجم الأزرق)  يبلغ حجمه 2100 مرة ضعف حجم الشمس) ومجرتنا واحدة من حوالي 400 مليار مجرة تشكل الكون المعروف حاليا.. لكن مجموع الكون المعروف حاليا لا يشكل حقيقة إلا 1 في المائة من الكون الموجود في إدراك البشرية، و9 في المائة مادة لم نكتشفها بعد و90 في المائة مادة دكنة لا نعرف طبيعتها..

وللمقاربة فإن عدد النجوم والكواكب التي خلق الله عز وجل في الكون يتناسب مع عدد حصى الرمل المتواجد فوق كوكب الأرض.. وليست الأرض إلا حبة من حبات الرمال المتواجدة في أرضنا..مع العلم أن العلماء يكتشفون حوالي 5000 مجرة جديدة كل أسبوع.. ﴿لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾2/3

أما الحقيقة الثانية فلا تقل أهمية عن الأولى في علم الفضاء، فالمسافة بين الأرض والشمس هي 150،000،000 كيلو متر يقطعها الضوء في حوالي 8 دقائق (الثانية الضوئية تقطع 300000 ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية ).. واكتشف علماء الفلك أن أقرب النجوم إلينا بعد الشمس هو نجم يعرف باسم النجم المركزي الأول (أو الأقرب القنطوري   (Alpha Centaurus)‏ ويبعد عنا بمسافة ‏4.3‏ من السنين الضوئية، بحيث يبعد عنا هذا النجم بمسافة تقدر ب 10.000.000.000 عشرة آلاف بليون كيلو متر تقريبا.ً وأقرب المجرات إلينا تعرف باسم سحب ماجيلان (The Magellanic Clouds) وهي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين ألف سنة ضوئية‏.‏ ولكي يقطع الضوء مجرتنا درب التبانة فإنه يقضي حوالي 10.000 سنة ضوئية ..أما لكي يقطع شطرا من الكون كي يصل إلينا فإن عليه أن يستغرق ملايير السنيين الضوئية ..

فيما يخص الزمن الكوني في القرآن الكريم: تعرض القرآن الكريم لخلق الكون والزمان والمكان، وإشارة القرآن إلى أن الله خلق الكون في ستة أيام ليست أياما بالمعنى الأرضي لأن الزمن نسبي وليس مطلقا، وهو ما يتفق ومعطيات العلم الحديث والنظرية النسبية..فزمن الساعات التي نستعملها هو زمن مجموعتنا الشمسية، ولو كنا نعيش فوق كوكب آخر لعشنا بزمنه وتوقيته وساعتنا الأرضية لا تصلح للإستعمال فيه.. مع أن سرعة الضوء واحدة لكل موجات الطيف وتمثل حد السرعة في الكون الفيزيائي.. أما سرعة جميع الأجسام فهي نسبية تتأثر بحركة الراصد فيلزمها تعيينه إلا سرعة الضوء الوحيدة المطلقة ذات قيمة كونية ثابتة.. وهكذا فالضوء وموجات الراديو المحمولة من طرف الفوتونات تنتقل في الفراغ بحوالي299 792 458 m/s. م/الثانية واختصارا  km/s.

ولتحديد عمرالأشياء التي تحتوي على الكربون فوق الأرض نقيس الزمن  اعتمادا على المواد المشعة كالراديوم واليورانيوم التي تنحل إشعاعيا من هذه الأشياء بطريقة طبيعية مع مرور الزمن لتتحول إلى رصاص.. وبما أن لكل عنصر مشع معدل معين للانحلال، فقد استخدم العلماء بعض المواد المشعة كاليورانيوم والكربون 14 لتعيين عمر الأرض وعمر الحياة على الأرض، كما استخدم العلماء ظاهرة تمدد الكون واتساعه المستمر لتعيين عمر الكون، وتوصل العلماء أن للكون بداية زمنية محددة وليس أزليا كما كان يعتقد البعض في القرون السابقة..

وجه الإعجاز:

لقد علمنا حديثا أن الإنسان من على سطح الأرض لا يرى النجوم أبدا‏ًًً،‏ ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها، أو أنه يرى مواقع لنجوم تلاشت واندثرت من أزمنة مديدة تتجاوز ملايين السنين، والضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى يومنا هذا..إن هذا السبق القرآني جاء في وقت سادت فيه الخرافة وكثير من التصورات المغلوطة بشأن الكون وموقع الأرض من الكون، فقيل إن الأرض هي مركز الكون، وقيل إن الشمس ثابتة لا تتحرك.

بل ظل الغربيون إلى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي يؤمنون بأن النجوم مثبتات بالسماء‏،‏ وأن السماء بنجومها تتحرك كقطعة واحدة حول الأرض‏،‏ وأن الكون في مركزه ثابت غير متحرك‏،‏ ومكون من عناصر أربعة هي التراب‏ والماء‏ ‏والهواء والنار، وحول تلك الكرات الأربع الثابتة تتحرك السماوات، ووصل العلماء إلى اكتشاف حقيقة أخرى وهي أن هذه النجوم تتحرك بسرعات هائلة جداً منتقلة من موقعها الحالي إلى موقع جديد وهكذا باستمرار، مما يجعل هذا الأمر مثيراً للدهشة.

يقول زغلول النجار: ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏،‏ وبسرعات جريها ودورانها‏،‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏،‏ وبقوى الجاذبية الرابطة بينها‏،‏ واللفظة مواقع جمع موقع يقال‏:‏ وقع الشيء موقعه‏،‏ من الوقوع بمعنى السقوط‏.‏ والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏،‏ وحركات النجوم عديدة وخاطفة‏،‏ وكل ذلك منوط بالجاذبية‏،‏ وهي قوة لا تُرى‏،‏ تحكم الكتل الهائلة للنجوم‏،‏ والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها‏،‏ والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة‏،‏ وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها القليل فجاء هذا اللفظ القرآني المعجز على لسان رسول أميّ قبل ألف وأربعمائة عام ليكشف عن عِظم مواقع النجوم وبديع صنع الله فيها، في وقت خلت فيه معارف الناس عن أبسط هذه العلوم، مما يدل بلا شك ولا ريب أن هذا القرآن هو كلام الخالق المبدع لهذا الكون، العليم بدقائقه وأسراره، وقد أنزله مشتملاً على علمه، على نبيه محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم؛ ليكون شاهداً برسالته عليه أفضل الصلاة والسلام.

المسافات بالسنة الضوئية                DISTANCES en UNITÉS DE LUMIÈRE

 En unités – lumière:

LuneDistance                                     1،28 s
SoleilDistance                               8 min 20s
Système solaireRayon                          5h 30 min
Étoiles prochesDistance                  10 années (4،3 pour la plus proche)
GalaxieDiamètre           100 000 années
Groupe localDistance      2،5 millions d’années
Superamas localDistance    50 millions d’années
UniversRayon13،7 milliards d’années

يقول الدكتور زغلول النجار: “ثم إن هناك مدلولا علميا آخر عن مواقع النجوم وهى أن موقع الشمس موقع بالغ الدقة في وضعه لكى تستقيم معه الحياة على كوكبنا الارضى، لأنها لو تقدمت عن موضعها الحالي لاحترقت الأرض من شدة حرارتها ولو تأخرت عن موضعها لبردت الأرض وتجمدت فيها البحار والمحيطات إلى تحركاتها المقدرة لها في أفلاكها، والعظمة إن كانت وصفاً من الله سبحانه وتعالى كان تقديرها حق قدرها فوق مقدور البشر، لكن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ينبهنا إلى أن إدراك بعض جوانب وأسرار هذا القسم العظيم لا يتم إلا بإعمال العقل وتحصيل العلم. ويزيد العقل دهشة عندما يعلم أن كل هذه النجوم تتحرك بسرعات هائلة لا ندركها نظرا لبعدها الهائل عنا. فالشمس ـ على سبيل المثال ـ تجري بسرعة 19 كيلومتر في الثانية، وتدور حول نفسها مرة كل 27 يوماً في المتوسط، ويجري مع الشمس مجموعتها الشمسية بسرعة فائقة تبلغ 220 كيلومتر في الثانية منتمية لمجرتنا المعروفة باسم “الطريق اللبني” أو “درب التبانية”، وهذه المجرة تدور حول المجرة نفسها مرة كل 250 مليون سنة. وكل النجوم الأخرى تدور حول نفسها وحول المجرة التي تنتمي إليها، وتتباعد المجرات عن بعضها في فضاء الكون السحيق. ولا يزال العلم عاجزاً عن كشف الكثير من أسرار هذا الكون الذي اقسم الخالق الواحد بمواقع النجوم فيه.. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.. والعلم التجريبي والفيزياء تقول: إن كوننا كون منحنٍ لأن الإنسان لا يستطيع أن يرى إلا جزءاً صغيراً من السماء الدنيا، والقرآن بنصه يقول: (ولقد زيَّنا السماء الدنيا بمصابيح) الملك:5، والمصابيح هي النجوم، والنجوم لا توجد إلا في السماء الدنيا..

ولهذا السبب فإن القرآن الكريم يتحدث عن الزمن الكوني في القرآن الكريم: (وَ يَستَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ وَ لَن يخْلِف اللّهُ وَعْدَهُ وَ إِنّ يَوْماً عِندَ رَبِّك كَأَلْفِ سنَةٍ مِّمّا تَعُدّونَ) (47)سورة الحج.

 أما فيما يخص قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) السجدة 5.

فقد استنبط الدكتور محمد دودح مستشار لدى هيئة الإعجاز العلمي، أن الأمر المقصود به في الآية هو الأمر الكوني الفيزيائي في حياتنا الدنيا، وقد قال بهذا أيضاً من قبله ترجمان القرآن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقد روي عنه قوله في تفسير الأمر الذي ذكرته الآية: “هذا في الدنيا ولسرعة سيره (أي الأمر الكوني) يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم”.

وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال المهم‏:‏ من الذي علم سيدنا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كل هذه المعارف العلمية الدقيقة لو لم يكن القرآن الذي أوحي إليه هو كلام الله الخالق‏..!!‏؟ ولماذا أشار القرآن الكريم إلى مثل هذه القضايا الغيبية التي لم يكن لأحد علم بها في زمان الوحي ولا لقرون متطاولة من بعد ذلك؟ لولا أن الله (تعالى) يعلم بعلمه المحيط أن الناس سوف يأتي عليهم زمان يدركون فيه تلك الحقيقة الكونية‏،‏ ثم يرجعون إلى كتاب الله فيقرأون فيه هذا القسم القرآني العظيم‏: ‏(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) فيشهدون بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏،‏ الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏،‏ ويشهدون لهذا النبي الخاتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان موصولاً بالوحي‏،‏ ومعلمًا من قبل خالق السماوات والأرض‏،‏ وأنه عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم كان ـ بحق ـ كما وصفه ربنا سبحانه وتعالى‏: (ومَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (النجم‏:3‏ ـ ‏5).‏ ولعل الذي يزيد التصور البشري تحديا هو أن مجرتنا تكون واحدة من حوالي 400 مليار مجرة تشكل الكون المعروف حاليا..لكن مجموع الكون المعروف حاليا لا يشكل حقيقة إلا 1 في المائة من الكون، و9 في المائة مادة لم نكتشفها بعد و 90 في المائة مادة دكنة لا نعرف طبيعتها. أما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فتخبرنا أن كل هذا الذي نراه ليس إلا السماء الدنيا أو جزء منها وهي جزء أصغر من السماء الثانية والأخيرة جزء اًصغر من الثالثة وهكذا..ثم السماوات السبع .. (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة) الحديث.. إن الإنسان وهو يتأمل هذه الأرقام ليحس بالرهبة أمام قدرة خالقه.. فتبارك الله خالق وقيوم السماوات والأرض.

Voie lactée، la galaxie d’Andromède، la galaxie Triangulum (M33) et la galaxie elliptique du Grand Nuage de Magellan.

Morton-Milon/Science Source/Photo Researchers، Inc. دراسة المجرات صعبة بسبب بعدها. ومع ذلك، فنحن نعلم نسبيا الكثير عن مجرتنا، درب التبانة. التي تم اكتشافها، لأول مرة من قبل غاليليو في عام 1610.. تلتف فيها النجوم حلزونيا حول المركز. درب التبانة تنتمي إلى مجموعة من المجرات تسمى المجموعة المحلية، والتي تضم أيضا مجرة المرأة المسلسلة، مجرة المثلث (M33)  والمجرة الإهليلجية في سحابة ماجلان الكبيرة .

Galaxie M 100 NASA/Liaison Agency  M 100 مجرة      لقد التقطت هذه الصورة في ديسمبر كانون الاول 1993 من قبل تلسكوب هابل الفضائي. تقع (أي تبعد) هذه المجرة اللولبية ما بين 35 مليون و80 مليون سنة ضوئية عن الأرض.

Galaxies lointaines UPI/NASA/REUTERS في يناير 1996، أظهرت علماء الفلك أن الكون يحتوي على خمس أضعاف من المجرات أكثر مما كان يعتقد سابقا. هذا مركب من الصور الفوتوغرافية التي التقطت من قبل تلسكوب هابل الفضائي. تغطي نقطة صغيرة سوداء في السماء.

Galaxie d’Andromède  NASA/Science Source/Photo Researchers، Inc. مجرة المرأة المسلسلة هي مجرة لولبية مماثلة لدرب التبانة. هذه هي المجرة الأكثر بعدا التي يمكن ملاحظتها بالعين المجردة.

د. محمد بورباب

الأستاذ الدكتور محمد بورباب تخصص: بيولوجية جزيئية بيولوجيا/جيولوجيا أستاذ زائر علم الأحياء الجنائي رئيس هيئة الإعجاز لشمال المغرب رئيس المؤتمر الدولي لتطوان بالمملكة المغربية رئيس تحرير مجلة إعجاز الدولية للبحث والتأمل العلمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى